أجرام قريبة من الأرض
الأجرام القريبة من الأرض (بالإنجليزية: Near-Earth objects، أو اختصاراً: NEOs) هي أجرام سماوية صغيرة نسبياً تمر مداراتها حول الشمس بنقاطٍ قريبة من كوكب الأرض. حسب التعريف الرسمي، يجب أن يدنو مدار أي جرمٍ إلى مسافة 0.3 وحدة فلكية (نحو 45 مليون كيلومتر) على الأكثر من الكرة الأرضية حتى يحوز لقب "جرم قريب من الأرض". تشمل هذه الأجرام جميع أنواع الأجسام التي تسير في الفضاء القريب من الأرض، بما في ذلك آلاف الكويكبات (تدعى اختصاراً NEAs)، وبعض المذنبات، والنيازك التي تكون كبيرة كفايةً لرصدها قبل سقوطها على الأرض، وحتى مركبات فضائية بشرية الصُّنع تدور حول الشمس. أصبحت الأجرام القريبة من الأرض محطَّ اهتمامٍ علمي متزايد منذ الثمانينيات، وذلك لازدياد إدراك العلماء للخطر المحتمل الذي يمكن أن تشكّله على الأرض في حال اصطدمت بها، وتجري حالياً مشاريع بحثيَّة عديدة لإيجاد حلولٍ في حال حدوث خطر اصطدام. سجلَّ علماء الفلك حتى الآن حوالي عشرة آلاف جرمٍ قريب من الأرض، تُصنَف 99% منها على أنها كويكبات، والباقي من المذنبات.
تقع نقطة الحضيض في مدارات الكويكبات القريبة من الأرض على مسافات تتراوح من 0.983 إلى 1.3 وحدة فلكية عن الشمس. عندما يكتشف كويكب جديدٌ منها، فإنَّ بياناته تُرسَل مركز الكواكب الصغيرة التابع للاتحاد الفلكي الدولي (الواقع في مركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية)، حيث تجري فهرسة الكويكب وتسجيله رسمياً. وتعتبر هذه الكويكبات خطراً على الأرض عندما يوجد أن مداراتها تتقاطَع مع مدار الأرض حول الشمس. تشغّل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودولٌ عدة أخرى حالياً مشاريع للتأكد مما إذا كانت ستمثل أي من الأجرام القريبة من الأرض تهديداً جدياً في المستقبل، فقد حصلت وكالة ناسا مثلاً على تفويضٍ من الكونغرس الأمريكي لفهرسة أي واحدٍ من هذه الأجرام يتجاوز قطره الكيلومتر، حيث يمكن أن يسبّب ارتطام جسم فضائي بهذا الحجم أو أكثر كارثة على الأرض. حسب إحصائيات شهر فبراير من سنة 2014، كان يوجد 862 كويكب مسجَّل على مقربةٍ من الأرض، صُنٍّفت 154 منها على أنها أجرام كامنة الخطر (PHOs). حسب نتائج مسح NEOWISE (الذي تولَّى إجراءه في سنة 2011 تلسكوب وايس)، يُعتَقد أنه تم بالفعل اكتشاف 93% من جميع الكويكبات القريبة من الأرض التي تتعدى في قطرها الكيلومتر الواحد.
ينبع جزء كبير من الاهتمام بالأجرام القريبة من الأرض من كونها أجراماً كامنة الخطر (PHOs)، وهو ما يعني أنها تقترب من الأرض وتمر بمدارها بما يكفي لجعلها تشكّل خطراً حقيقياً إلى حد أو لآخر في المستقبل. في أغلب الحالات، يُصنَّف جرم على أنه كامن الخطر بناءً على معيارَين: لو كان مداره يقترب من مدار الأرض لمسافة 0.05 وحدة فلكية على الأقل (أي ما يعادل حوالي 7.5 مليون كلم)، أو لو كان قدر سطوعه المطلق 22 على الأكثر (وهو مؤشر تقريبي لحجم الجسم). أما الأجرام التي لا تقترب من الأرض هذه المسافة، والتي لا يزيد سطوعها المطلق عن هذا المقدار أو لا يتعدى قطرها 150 متراً، فهي لا تعد خطرةً بأي قدرٍ يذكر على الأرض.
إن سهولة الهبوط على العديد من الأجرام القريبة من الأرض بوقودٍ وطاقة أقل حتى من تلك المطلوبة للهبوط على القمر يجعلها أيضاً محطَّ اهتمامٍ من نواح أخرى، وإن السبب في هذا هو أولاً وقوعها على مسافةٍ قريبة من الأرض وبالتالي عدم الحاجة للفكاك من مجالها الجذبي بالكامل، وثانياً لصغر أحجام هذه الأجسام وضعف جاذبيَّتها، لذلك فقد تكون هذه الكويكبات والمذنبات أهدافاً سهلة لبحوثات فلكية وجيوكيميائية منخفضة التكاليف نسبياً، بل وقد تكون مصادر صالحةً للموارد الطبيعية إذا ما نفذت من الأرض مستقبلاً. حتى عام 2012، زارت ثلاث مركباتٍ فضائية أجراماً قريبة من الأرض، هي ملتقي الكويكبات القريبة من الأرض التابع لناسا الذي زار كويكب 433 إروس، وهايابوسا التابعة لمنظمة بحوث الفضاء اليابانية التي زارت 25143 إتواكوا، وتشانغي 2 التابعة لوكالة الفضاء الصينية التي زارت 4179 توتاتيس.