تأسيس روما
تأسيس مدينة روما هو حدثٌ تاريخي هام لا زال قيد الدراسة، حيث تنقسم المعلومات المتاحة عنه إلى أساطير شديدة القدم وأبحاثٍ آثاريَّة حديثة. رغم قدم الأساطير المدوَّنة عن تأسيس روما الأوَّل، إلا أنَّ أقدمها كتبت بعد مئات السنين من ظهور المدينة الفعليّ، ولذلك فإنَّ الاعتماد عليها غير ممكن، أما المسوحات الآثارية فإن نتائجها تتغيَّر باستمرار مع حدوث الاكتشافات الجديدة. اختلق الرومان حكاية أسطوريَّة طويلة ومعقَّدة عن أصل مدينتهم، واتحدت هذه الحكاية مع كتابات ليفيوس وأشعار ورغيليوس وأوفيد التي أُلِّفَت خلال عهد الإمبراطور أغسطس. وقد جرى تدريجياً دمج هذه النصوص القديمة معاً وتحويلها إلى أسطورة موحَّدة أكثر تفصيلاً. تعتمد بحوث المؤرخين والآثاريِّين الحديثة في جانبٍ منها على تلك الأسطورة القديمة وعلى مصادر مكتوبة أخرى، كما أنها تعتمد على ما اكتشف خلال المسوحات الأثرية الكثيرة من آثار قديمة، وهي لا زالت تحاول إعادة بناء الأحداث الحقيقيَّة لتأسيس روما، وحسبما تظهر هذه البحوث والدراسات فإنَّ جزءاً ما من أسطورة تأسيس المدينة يحمل أصلاً من الحقيقة.
لفترةٍ طويلة كان يفترض أن المؤسِّسين الحقيقيِّين لمدينة روما هما قوم الإتروسكانيين، الذين كانوا قد استقرُّوا في المنطقة المجاورة منذ القرن السادس قبل الميلاد، إلا أنَّ الدلائل الأثرية المكتشفة حديثاً تشكِّك بمدى صحَّة هذا الافتراض. إن التاريخ الدقيق لتأسيس مدينة روما لا زال مجهولاً، لكن بعض الباحثين - مثل تم كورنل - يعتقدون أنَّه كان في حوالي القرن الثامن قبل الميلاد، ويزعم المؤرخ ماركوس تيرينتيوس فارفو (الذي عاش خلال عهد الإمبراطور الأول أغسطس: 116 - 27 ق م) أنَّ تاريخ تأسيس المدينة هو 21 أبريل سنة 753 ق م، معتمداً في هذا التاريخ على منجّم روماني عاش في زمنه اسمه لوسيوس تاروتيوس فرمانوس. ثمَّة نقطة جدلية أخرى في تاريخ روما المبكّر، هو أصل اسمها، فرغم أنَّ الحكاية الأسطورية تُرجِعه إلى اسم مؤسس المدينة "رمولوس"، إلا أنَّ العديد من الباحثين حالياً يرجعونه إلى أصولٍ أخرى.