دولة سلاجقة الروم
دَوْلَةُ سَلَاجِقَةِ الرُّومِ أو سَلْطَنَةُ سَلَاجِقَةِ الرُّومِ أو سَلْطَنَةُ الرُّومِ اختصارًا (بِالفارسيَّة: دولت سلجوقیان روم) هي إحدى الدُول الإسلاميَّة التي قامت في بلاد الأناضول وشكَّلت بدايةً الجناح الغربي من دولة السلاجقة العظام، قبل أن تنفصل عنها وتُصبح دولة قائمة بِحد ذاتها بعدما تفكَّكت الدولة السُلجُوقيَّة إلى عدَّة سلطنات وإمارات وأتابكيَّات. كان السلاجقة مسلمين سُنيُّين من الناحيتين الدينيَّة والمذهبيَّة، أمَّا عرقيًّا فكانوا من التُرك، على أنَّهم تثاقفوا بِالثقافة الفارسيَّة، فاقتبسوا اللغة والأبجديَّة الفارسيَّتين نتيجة احتكاكهم الطويل بِالفُرس في بلاد ما وراء النهر وإيران، حتَّى اصطبغت دولتهم بِصبغةٍ غير تُركيَّة لِفترةٍ طويلةٍ من الزمن. وفي حين كان التُرك السلاجقة هم الحُكَّام، فإنَّ غالبيَّة الرعيَّة كانت من الروم النصارى الأرثوذكس، وقد انصهر هؤلاء تدريجيًّا مع التُرك في بوتقةٍ واحدةٍ اكتملت تمامًا في العصر العُثماني بعد بضعة قُرُونٍ من تفتُّت الدولة وزوالها.
دَوْلَةُ سَلَاجِقَةِ الرُّومِ | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
سلطنة الروم - سلاجقة الروم | |||||||
| |||||||
الراية | |||||||
توسُّع دولة سلاجقة الروم بين سنتيّ 1100 و1240م | |||||||
عاصمة | نيقية (1081-1097) قونية (1097-1308) | ||||||
نظام الحكم | سلطنة | ||||||
اللغة | اللغة الرسميَّة: الفارسيَّة.
لُغات أُخرى: التُركيَّة، والعربيَّة، والروميَّة، والأرمنيَّة | ||||||
الديانة | الإسلام على المذهب السُنِّي الحنفي أقليَّات كُبرى وصُغرى: المسيحيَّة، واليهوديَّة | ||||||
الملك - السُلطان | |||||||
| |||||||
التاريخ | |||||||
| |||||||
المساحة | |||||||
1243 | 400٬000 كم² (154٬441 ميل²) | ||||||
بيانات أخرى | |||||||
العملة | الدينار والدرهم | ||||||
اليوم جزء من | تركيا | ||||||
قامت دولة سلاجقة الروم على يد سُليمان بن قُتلمُش، نسيب السُلطان ألب أرسلان، وذلك بُعيد معركة ملاذكرد، التي فتحت أبواب الأناضول أمام المُسلمين، بِست سنواتٍ فقط. فقد انساب السلاجقة إلى الرُبُوع الأناضوليَّة، التي استعصت على المُسلمين قبلهم رُغم توغُّلهم في أرجائها أكثر من مرَّة، وفتحوا المُدن والقلاع الحصينة بعد اصطداماتٍ قاسيةٍ مع البيزنطيين استمرَّت حتَّى أواخر القرن الثاني عشر الميلاديّ، وتمكَّنوا من تثبيت أقدامهم في البلاد الجديدة بِفضل الهجرات التُركُمانيَّة المُستمرَّة من الشرق. وبدأت تظهر، مُنذُ نهاية القرن المذكور، المعالم السياسيَّة والحضاريَّة لِلسلطنة السُلجُوقيَّة الروميَّة. تنامت قُوَّة السلطنة مع مُرور الزمن، فأضحت مرهوبة الجانب، وتوسَّعت على حساب جيرانها وبِخاصَّةً الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة، وبسط السلاجقة سيطرتهم على مساحةٍ واسعةٍ من آسيا الصُغرى، وتدخَّلوا في النزاعات التي كانت تنشب بين جيرانهم، وعبروا بحر البنطس (الأسود)، وفتحوا سوداق في شبه جزيرة القرم، وفرضوا الجزية على القفجاق. وبلغت السلطنة أقصى اتساعها في سنة 641هـ المُوافقة لِسنة 1243م، فشملت مُعظم أنحاء الأناضول وقيليقية في الجنوب الشرقي وأرمينية في أعالي الفُرات وأجزاء من شماليّ الشَّام والجزيرة الفُراتيَّة.
ازدهرت السلطنة بِفعل سياسة التوسُّع، وعمَّ البلاد الرخاء والازدهار. ولم تخضع النُظُم الحضاريَّة في هذه الدولة لِتغييراتٍ جوهريَّةٍ أو مُفاجئةٍ، بل إنَّ الاستمراريَّة ظلَّت بارزةً فيها. فالتأثيرات المجلوبة، بِخاصَّةً الفارسيَّة، ظلَّت واضحةً في حياة السُكَّان في أوائل عهد السلطنة، فبدا الحُكم وكأنَّهُ فارسيّ، لكن أخذ يتحوَّل تدريجيًّا، مُنذُ أواخر عهد السلطنة، ويتَّخذُ طابعًا تُركيًّا صرفًا، بِفعل تأثير هجرات التُركُمان المُتواصلة. صمد أوائل سلاطين سلاجقة الروم أمام الصليبيين والبيزنطيين والفتن التي أثارها غُلاة الشيعة، إلَّا أنَّ أواخرهم انغمسوا بِالملذَّات، وشُغلوا بِاللهو، تاركين تصريف الأُمُور العامَّة لِأُمراءٍ داخَلَهم الطمع، واتَّصفوا بِالجشع والفساد، فأفسدوا الإدارة بِتصرُّفاتهم، وأثقلوا كاهل السُكَّان بِالضرائب. وقد تفرَّد الآقسرائي بِتدوين أخبار الفساد الذي استشرى في أجهزة الدولة، وقد عاش هذه الأحداث عن قُرب، فروى ما عاينه وشاهده. أدى هذا الفساد، بِالإضافة إلى النظام السياسي السُلجُوقي الذي لم يرتكز على أُسُسٍ ثابتةٍ وقويَّة، إلى اهتزاز السلطنة تحت ضربات المغول الذين بدأوا الزحف نحو المشرق الإسلامي، فوصلوا إلى أبواب الأناضول في الثُلث الأوَّل من القرن الثالث عشر الميلاديّ، ثُمَّ سيطروا على البلاد وقضوا على استقلال السلطنة، فأصبحت إحدى الدُول التابعة لِإمبراطوريَّة المغول ثُمَّ لِلدولة الإلخانيَّة. ولمَّا تُوفي آخر سلاطين السلاجقة، غيَّاث الدين مسعود بن كيكاوس، سنة 704هـ المُوافقة لِسنة 1304م، غرقت بلاد الروم بعده في بحرٍ من الفوضى، ووقع الخلل في السلطنة وانقسمت البلاد إلى عشر إماراتٍ تُركُمانيَّة مع بقاء السيادة المغوليَّة واضحة، وبرزت من بين تلك الإمارات إمارةٌ حُدُوديَّة صغيرة بِزعامة قائدٍ يُدعى عُثمان بن أرطغرل، قُدِّر لها أن تُعيد توحيد الأناضول وتتحوَّل إلى آخر دُول الخِلافة الإسلاميَّة في التاريخ.