ديانة بلاد ما بين النهرين القديمة

ديانة بلاد مابين النهرين هي المعتقدات والممارسات الدينية التي كان يؤمن بها السومريين والأكاديين الساميين الشرقيين والأشوريين والبابليين ومن ثم آمن بها المهاجرين الآراميين والكلدان الذين كانوا يعيشون في بلاد مابين النهرين (منطقة تشمل العراق الحديث وجنوب شرق تركيا وشمال شرق سوريا) والتي كانت تحكم المنطقة لمدة 4200 سنة، منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين وحتى القرن العاشر تقريباً بعد الميلاد في آشور. . الإيمان بأكثر من آلهة كانت الديانة الوحيدة في بلاد ما بين النهرين القديمة طوال آلاف السنين قبل الدخول في فترة من التراجع التدريجي والتي بدأت بين القرن الأول والثالث بعد الميلاد . حدث هذا التراجع بسبب الانفتاح على الديانة المسيحية الشرقية الأصلية المميزة (السريانية المسيحية مثل: الكنيسة الآشورية الشرقية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية) وكذلك المانوية والغنوصية، واستمرت حوالي ثلاثة إلى اربعة قرون، حتى اندثرت أغلب التقاليد الدينية الأصلية للمنطقة مع بقاء آخر الآثار الموجودة بين بعض المجتمعات الآشورية النائية حتى القرن العاشر بعد الميلاد.

إعادة الإحياء

ضاعت ونُسيت العديد من جوانب الممارسات الشائعة والتعقيدات لهذه العقيدة مع مرور الزمن، كغيرها من الأديان المندثرة. ولكن لحسن الحظ أغلب المعلومات والمعارف نجت، فقد عمل المؤرخين والعلماء عملاً عظيماً بمساعدة علماء الدين والمترجمين لإعادة إحياء المعرفة العملية للتاريخ الديني والتقاليد والدور الذي لعبته هذه المعتقدات في الحياة اليومية في الحضارة السومرية والآكادية والآشورية والبابلية خلال تلك الفترة. ويُعتقد أن دين بلاد ما بين النهرين كان له تأثير كبير على الديانات اللاحقة في جميع أنحاء العالم من ضمنها: الكنعانية والأرامية واليوناينة القديمة والديانات الفينيقية والديانات الموحِدة مثل الصائبة والإسلام. ومن المعروف أن الإله آشور كان يٌعبد مع آلهة أخرى في آشور حتى نهاية القرن الرابع بعد الميلاد. فكانت ديانة بلاد ما بين النهرين ديانة شركية، فقد كانوا يعبدون أكثر من 2,100 آلهة مختلفة وكثير منها كانت مرتبطة بمدينة أو ولاية معينة داخل بلاد ما بين النهرين مثل: سومر وأكاد وآشور ونينوى وأور وأوروك وماري وبابل. كانت بعض أهم هذه الآلهة: آنو وإنكي وإنليل وعشتار (عشتروت) وعاشور وشمش وشولمان وتموز وأدد/حداد وسين (نانا) وكور وداغان ونينورتا ونسروخ ونركال وتيامات وبيل ومردوخ. جان بوتيرو من المؤرخين الذين زعموا أن دين بلاد ما بين النهرين هو أقدم دين في العالم، مع وجود عدة مزاعم أخرى مشابهة. وبما أن الكتابة قد أخترعت في بلاد ما بين النهرين فمن المؤكد أنها الأقدم في التاريخ المكتوب. فما يعرف عن دين بلاد ما بين النهرين جاء من الأدلة الأثرية التي أكتشفت في المنطقة، لا سيما من المصادر الأدبية والتي عادةً ما تكون مكتوبة بالخط المسماري على ألواح الطين والتي تصف الأساطير والممارسات الطقوسية. ويمكن أن تكون غيرها من الأدوات مفيدة عند إحياء دين بلاد ما بين النهرين. وكما هو شائع في معظم الحضارات القديمة، أن الأجسام المصنوعة من المواد الأكثر متانة وقيمة، وهذا ما جعلها تبقى صامدة، كانت مرتبطة بالمعتقدات والممارسات الدينية. وهذا ما دفع أحد الباحثين إلى زعم "أن معيشة شعب بلاد ما بين النهرين برمتها كانت منصبة على تدينهم، فكل شيء تقريباً بقي منهم من الممكن استخدامه كمصدر لمعرفة دينهم."

على الرغم من أن هذه الديانة اندثرت بشكل كبير في عام 400 بعد الميلاد تقريباً، ماعدا مناطق قليلة معزولة في آشور (الجزء العلوي من بلاد ما بين النهرين)، إلا أنها مازالت مؤثرة على العالم الحديث، غالباً بسبب العديد من القصص التي وردت في الإنجيل والموجودة اليوم في اليهودية والمسيحية والإسلام والصائبة، فهذه القصص من الممكن أن تكون مستندة في الأصل على أساطير بلاد ما بين النهرين القديمة، خصوصاً أسطورة الخلق وجنة عدن وطوفان نوح وبرج بابل وشخصيات مثل نمرود وليليث. وبالإضافة إلى ذلك، فإن قصة أصل النبي موسى تشابه قصة سرجون الأكدي. وقد ألهمت ديانة بلاد ما بين النهرين أيضاً مجموعات متعددة وثنية جديدة معاصرة للبدء في عبادة آلهِتهم مرة أخرى، وإن كان ذلك بطريقة مختلفة غالباً عن طريقة شعب بلاد ما بين النهرين أنفسهم.

This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.