علم الفلك البابلي
علم الفلك البابلي (بالإنجليزية: Baylonian Astronomy)، هو دراسة وتسجيل الأجرام الفلكية خلال العصور المبكرة لبلاد الرافدين. تظهر هذه السجلات منقوشةً بالكتابة المسمارية بألواح الطين السومرية، لتاريخ يرجع إلى الفترة بين 3500 إلى 3200 عام قبل الميلاد. طور السومريون نوعًا من علم الفلك/التنجيم الخاص بهم متأثرين بأساطيرهم الدينية، ما ترك بصمةً على ثقافتهم البابلية، ويتضمن ذلك الآلهة الكوكبية التي لعبت دورًا مهمًا.
يهتم علم الفلك البابلي بالتركيز على مجموعة من النجوم والكوكبات النجمية التي تُعرف باسم «نجوم زيقبو». جُمّعت هذه الكوكبات من مصادر مختلفة مبكرة. يذكر أقدم فهارس النجوم المُسمى بـ«ثلاثة نجوم لكل منها» نجومًا في الإمبراطورية الأكدية، ومملكة أمورو، وحضارة عيلام وغيرها.
استُخدم نظام عد خاص قائم على الرقم 60، والمعروف بنظام العد الستيني. بسط هذا النظام طرق حساب وتسجيل الأرقام الكبيرة والصغيرة. ويمكن أن نعتبر السومريين أول من بدأوا الأنظمة الستينية المستخدمة حتى عصرنا هذا مثل تقسيم الدائرة إلى 360 درجة، وكل درجة تُقسم إلى 60 دقيقة.
طور السومريون نهجًا تجريبيًا لعلم الفلك، في الفترة بين القرن الثامن إلى القرن السابع قبل الميلاد. وبدأوا بدراسة وتسجيل فلسفاتهم واعتقاداتهم الخاصة بطبيعة الكون المجردة واستحدثوا منطقًا داخليًا خاصًا بهم من خلال الأنظمة الكوكبية التي كانوا يتنبؤون بها. اعتُبر هذا إسهامًا مهمًا في علم الفلك وفلسفة العلوم، ووصف بعض العلماء المعاصرين هذا النهج الجديد بأنه أول ثورة علمية. طُور هذا النهج واُعتمد بواسطة الإغريق وعلم التنجيم الهلنستي. استخدمت المصادر الإغريقية واللاتينية مصطلح الـ«الكلديون» بشكل متكرر لعلماء الفلك ببلاد الرافدين، والذين كانوا من الكهنة الكتاب المتخصصين في علم التنجيم والأنواع الأخرى من الكهانة.
بقيت قطع صغيرة من آثار علم الفلك البابلي حتى عصرنا هذا، وهي عبارة عن بعض الألواح الطينية الحديثة الكبيرة التي تحتوي على المفكرات الفلكية البابلية، والتقويم الفلكي، والنصوص الإجرائية، ولهذا معرفتنا بنظرية الكواكب البابلية محدودة للغاية. ومع ذلك، تُظهر هذه القطع الأثرية الصغيرة الباقية أن علم الفلك البابلي كان أول محاولة ناجحة لوضع وصف رياضي دقيق للظواهر الفلكية. وكل العلوم المشتقة من علم الفلك في العصر الهلنستي، والهند، والعصر الإسلامي، والغرب كانت معتمدةً على علم الفلك البابلي بشكل أساسي.
ترجع أصول علم الفلك الغربي إلى بلاد الرافدين، وتعتبر كل الجهود الغربية في العلوم الدقيقة وليدةً لجهود علماء الفلك البابليين. وصلتنا المعلومات التي نعرفها عن علم الفلك السومري بشكل غير مباشر، من خلال فهارس النجوم البابلية القديمة التي يعود تاريخها إلى 1200 عام قبل الميلاد. ويشير ظهور أسامي النجوم باللغة السومرية لاستمرار هذا العلم حتى بدايات العصر البرونزي.