مسرح الحرب الجنوبي لحرب الاستقلال الأمريكية

كان المسرح الجنوبي لحرب الاستقلال الأمريكية مسرحَ العمليات الحربية المركزي في النصف الثاني من حرب الاستقلال الأمريكية، أي من عام 1778 وحتى عام عام 1781. يشمل المسرح الحربي الجنوبي اشتباكاتٍ أبرزها في فرجينيا وجورجيا وكارولاينا الجنوبية. تألفت التكتيكات الحربية من المعارك الاستراتيجية وحرب العصابات.

خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب، أي بين عام 1775 و1778، وقعت المواجهات العسكرية الكبرى بين الجيش القاري والجيش البريطاني في مستعمرات نيو إنجلاند والمستعمرات الوسطى، حول مدنٍ مثل بوسطن ونيويورك وفيلادلفيا. عقب فشل حملة ساراتوغا، تخلّى الجيش البريطاني بشكل كبيرٍ عن عملياته العسكرية في الشمال، وسعى إلى التوصل لحلول سلمية عبر إخضاع المستعمرات الجنوبية. سيطرت حكوماتٌ وميليشيات وطنية على تلك المستعمرات قبل عام 1778، بالإضافة إلى تواجد الجيش القاري هناك، والذي لعب دورًا في الدفاع عن مدينة تشارلستون في كارولاينا الجنوبية عام 1776، وأخضع ميليشيات الموالين، وحاول إخراج البريطانيين من مستعمرة فلوريدا الشرقية الموالية بشدة للتاج الملكي البريطاني.

بدأ البريطانيون تطبيق «استراتيجية الجنوب» في أواخر العام 1778 في جورجيا. حققت تلك الاستراتيجية نجاحًا في البداية، خاصة مع استيلاء البريطانيين على مدينة سافانا في جورجيا، ثم العمليات العسكرية التي قام بها الجيش البريطاني عام 1780 والتي أدت إلى هزيمة قوات الجيش القاري في تشارلستون وكامدن. في تلك الأثناء، أعلنت فرنسا (عام 1778) وإسبانيا (عام 1779) الحرب على بريطانيا العظمى دعمًا للولايات المتحدة. استولت إسبانيا على مستعمرة فلوريدا الغربية البريطانية، وانتهت بحصار بينساكولا عام 1781. أما فرنسا، فقدمت بدايةً الدعم البحري فقط للأمريكان خلال السنوات الأولى من إعلانها الحرب على بريطانيا، لكن في عام 1781، أرسلت فرنسا عددًا ضخمًا من الجنود ليلتحقوا بجيش الجنرال جورج واشنطن، ويزحفوا جميعًا نحو فرجينيا انطلاقًا من نيويورك. اتبع الجنرال ناثانيل غرين –الذي تزعّم قيادة الجيش القاري عقب كامدن –استراتيجية التفادي والاستنزاف ضد البريطانيين. خاض الجيشان سلسلة من المعارك، كانت أغلبها معارك تكتيكية، لكن معظم تلك المعارك انتهت بنصر بيروسي (نصر باهظ الثمن تكبد فيه المُنتصر تكاليفًا هائلة) لبريطانيا. أدت تلك الخسارات الفادحة إلى إضعاف بريطانيا استراتيجيًا، بينما ظلّ الجيش القاري سليمًا بأكمله، وقادرًا على استكمال الحرب. بدا ذلك واضحًا في معركة غلفورد كورتهاوس. أدت عدة انتصارات أخرى للأمريكيين –مثل معركة رامسور ميل ومعركة كاوبينز ومعركة كينغز ماونتن –إلى إضعاف القوة العسكرية للجيش البريطاني. تُوّجت انتصارات الولايات المتحدة بحصار يورك تاون، والذي انتهى باستسلام الجنرال البريطاني اللورد كورنواليس في التاسع عشر من شهر أكتوبر عام 1781. كانت تلك آخر معركة كبرى في حرب الاستقلال الأمريكية. وبعد فترة قصيرة، بدأت المحادثات بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى، والتي أفضت إلى معاهدة باريس عام 1783.

This article is issued from Wikipedia. The text is licensed under Creative Commons - Attribution - Sharealike. Additional terms may apply for the media files.