مفتي
المفتي لقب للعالم المسلم المصرح له بإصدار فتوى في أمور الدين . وهو العالم بالمسألة التي يفتي فيها، تأسيسا لا تقليدا، مع ملكة في النظر، وقدرة على الترجيح والنظر المستقل في اجتهاد من سبقوه، لا مجرد نقل وحكاية الأقوال.
والمفتي حسب عقيدة الإسلام "خليفة النبي في أداء وظيفة البيان"، والمفتي موقع عن الله تعالى، "فإن أقدم على الفتوى بمجرد الخرص وما يغلب على الظن فهو آثم وعمله محرم"، فهو قول على الله وعلى رسوله بغير علم، وهو يتحمل وزر من أفتاه.[1]
التعريف
المفتي عند علماء أصول الفقه هو: الرجل المسلم العالم بأحكام الشرع الإسلامي، وفق شروط مخصوصة، تؤهله للوصول إلى درجة الإفتاء والقضاء. فالمفتي والقاضي درجة واحدة. لكن المفتي مخبر بالحكم، والقاضي ينفذ الأحكام. وعلم أصول الفقه هو الذي يشرح شروط القاضي والمفتي والمجتهد. ويحدد الأهلية لذلك.
الفتوى
طالع أيضًا: فتوى
الفتوى إخبار بالحكم بخلاف القضاء فإنه إصدار الحكم على وجه الإلزام، والفتوى في أمور الدين إخبار بحكم شرعي، والمستفتي هو الذي يطلب الفتوى في حكم أشكل عليه، وقد ورد في الشرع ذكر كلمة استفتاء، ولا يكون الاستفتاء غالبا إلا في أمر مشكل أو خفي غامض من دقائق المسائل، وبسبب جهل السائل بالحكم. والتجرأ على الفتوى من أسباب الخطأ، ولا يتصدر للإفتاء إلا من استجمع شروط الاجتهاد، حيث تعد الفتوى في أمور الدين من مهمات العلماء المتخصصين للفتوى، وفي الحديث: «عن أبي هريرة قال قال رسول الله
والمعنى: أن "من أفتي بغير علم" بالبناء للمفعول أي: من وقع في خطأ بفتوى عالم فالإثم على ذلك العالم وهذا إذا لم يكن الخطأ في محل الاجتهاد، أو كان في محل الاجتهاد إلا أنه وقع لعدم بلوغه في الاجتهاد حقه. قاله في فتح الودود.[2]
كما أن الإفتاء لا يكون بالرأي الشخصي وإن وافق الحق
وفي الحديث: «عن جندب قال قال رسول الله
الإفتاء بغير علم
إذا لم يكن في المفتي أهلية الإفتاء فقد وقع في الخطأ،
«عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قلت للزبير ما يمنعك أن تحدث عن رسول الله
«عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله {{
أحكام الإفتاء
اهتم العلماء بأحكام الإفتاء والمفتي وأفردوا كتبا لذلك منهم على سبيل المثال: أبو القاسم الصيمري شيخ صاحب الحاوي، ثم الخطيب أبو بكر الحافظ البغدادي ثم الشيخ أبو عمرو بن الصلاح، وكل منهم ذكر نفائس لم يذكرها الآخران، وقد لخصها النووي، وأضاف إليها تفاصيل.
للإفتاء مكانة مهمة في الإسلام، وهو فرض كفاية، والمفتي وارث الأنبياء، ومتحدث بلسان الشرع، وموقع عن الله، ولكنه معرض للخطأ. قال النووي: «وروينا عن ابن المنكدر قال: العالم بين الله تعالى وخلقه فلينظر كيف يدخل بينهم. وروينا عن السلف وفضلاء الخلف من التوقف عن الفتيا أشياء كثيرة معروفة نذكر منها أحرفا تبركا، وروينا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله
قال الصيمري والخطيب: قل من حرص على الفتيا وسابق إليها وثابر عليها إلا قل توفيقه واضطرب في أموره. وإن كان كارها لذلك، غير مؤثر له ما وجد عنه مندوحة، وأحال الأمر فيه على غيره، كانت المعونة له من الله أكثر، والصلاح في جوابه أغلب، واستدلا بقوله
شروط المفتي
يشترط فيمن يتولى الإفتاء والقضاء أن يمتلك الأهلية والكفاءة العلمية، والقدرة على استنباط الأحكام الشرعية، قال النووي: «شرط المفتي كونه مكلفا مسلما وثقة مأمونا متنزها عن أسباب الفسق وخوارم المروءة، فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط، متيقظا».[7]
وقال أبو يوسف: أن الفتوى لا تحل إلا لمجتهد. وقال محمد: يكفي أن يكون صوابه أكثر من خطئه. وقد ذكر العلماء تفصيل ذلك بأنه لا يشترط بلوغ رتبة الاجتهاد المطلق، بل يجوز أن يكون مقلدا لمذهبه، ويكفي أن يملك أهلية الاجتهاد والترجيح في مسائل المذهب وما يستجد من المسائل، وفق شروط محددة لذلك. ولا يفتى من مذهبه إلا بقول واحد إلا إذا دعت الحاجة.[8]
بعد تدوين المذاهب الفقهية وعمل الناس عليها على مدى قرون من الزمن صار الإفتاء في كل بلد وفق مذهب معين، والمفتي مقلد لمذهبه ولا يجتهد فيما تقرر وجرى عليه التوافق والقبول، بل يكون فيما يعرض من المسائل.
انظر أيضا
مراجع
- آلية الإفتاء وفريق الفتوى نسخة محفوظة 03 مايو 2009 على موقع واي باك مشين.
- عون المعبود شرح سنن أبي داود، محمد شمس الحق العظيم آبادي، كتاب العلم، (باب فضل نشر العلم)، رقم: (3657) ص72. دار الفكر، 1415 هـ/ 1995 م.
- عون المعبود شرح سنن أبي داود، محمد شمس الحق العظيم آبادي، كتاب العلم، (باب فضل نشر العلم)، رقم: (3652) ص67. دار الفكر، 1415 هـ/ 1995 م.
- عون المعبود شرح سنن أبي داود، محمد شمس الحق العظيم آبادي، كتاب العلم، (باب في التشديد في الكذب على رسول الله
)، رقم: (3651) ص65. دار الفكر، 1415 هـ/ 1995 م. - صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، كتاب العلم، (باب كيف يقبض العلم)، رقم: (100)، ج1، ص50، دار ابن كثير، 1414 هـ/ 1993 م
- المجموع شرح المهذب، يحيى بن شرف النووي، باب آداب الفتوى والمفتي والمستفتي، ج1 ص72 و73، مطبعة المنيرية، رقم الطبعة: د.ط : د.ت
- المجموع شرح المهذب، يحيى بن شرف النووي، شروط المفتي، ج1 ص74، مطبعة المنيرية، رقم الطبعة: د.ط : د.ت
- البحر الرائق شرح كنز الدقائق، زين الدين إبراهيم ابن نجيم، كتاب القضاء، فصل في تقليد من شاء من المجتهدين للإفتاء، ج6 ص292، و293 و294، دار الكتاب الإسلامي، ط.2: د.ب

صور وملفات صوتية من كومنز
- بوابة الإسلام
- بوابة الفقه الإسلامي
- بوابة القانون