فارس الظلام
فارس الظلام (بالإنجليزية: The Dark Knight) هو فيلم بطلٍ خارقٍ ملحميّ أمريكيّ-بريطانيّ صدر في 2008، قام بإخراجه، وإنتاجه، والمشاركة في كتابته المخرج كريستوفر نولان، وهو مبنيٌّ على شخصية قصص دي سي المصورة باتمان. الفيلم هو الجزء الثاني ضمن ثلاثية باتمان لكريستوفر نولان وهو تتمّةٌ لبداية باتمان الصادر في 2005. يَعود كريستيان بيل لتجسيد دور بروس واين/باتمان، مع الطاقم نفسه المكوّن من مايكل كين بدور ألفريد وغاري أولدمان بدور جيمس غوردن، ومورغان فريمان بدور لوسيوس فوكس. يُقدم الفيلم شخصية هارفي دينت (آرون إيكهارت)، المدعي العام الجديد لمدينة غوثام وحبيب ريتشل داوس (ماغي جيلنهال)، الذي ينضم إلى باتمان والشرطة في حربهما ضد الجريمة المنظمة، وضد أحد المجرمين الجدد الذي يدعو نفسه "الجوكر" (هيث ليدجر).
فارس الظلام The Dark Knight ملصق الفيلم
|
أعاد الفيلم تصميم هيئة الجوكر بشكل مختلف عما اعتاد عليه هواة القصص المصورة، وذلك من خلال سعي نولان لجعل سلسلة الأفلام هذه أكثر واقعية، فكانت النتيجة أن خرجت للجمهور نسخة جديدة غير مسبوقة من شخصية الجوكر حازت إعجاب العديدين من النقاد السينمائيين وقراء القصص المصورة على حد سواء. كان هذا الجوكر الجديد يضع تبرجاً أبيض على وجهه بدل أن يكون أبيض الجلد كما في القصص، كما كان فمه مشوهاً بحيث يظهر للناظر وكأنه يبتسم ابتسامة عريضة، وكان يخفي ندوبه بأحمر الشفاة، وهذا عكس ما ورد في القصص حيث أن الأخيرة تشير أن هيئة الجوكر جاءت نتيجة سقوطه في خزان مملوء بالمواد الكيميائية، الأمر الذي جعل جلده وشفتاه باهتة. على أن الفيلم التزم ببعض عناصر هذه الشخصية التي غالباً ما تذكر في القصص، وهي رواية الجوكر قصة حياته السابقة للجريمة بطريقة مختلفة في كل مرة، حيث ذكر في الفيلم أسباب ندوبه أنها نتيجة قساوة وجنون والده تارة، ثم ذكر في موضع آخر أنه هو من أنزلها بنفسه. أشار نولان أن هيئة الجوكر الذي صنعه "فوضوية" تعكس شخصيته اللامبالية، وأنهم استلهموا منظره من بعض الفنانين الشعبيين المضادين مثل بيت دوتري وإيغي بوب وجون لايدن.
سلط الفيلم الضوء على العلاقة بين باتمان والجوكر بوصفهما نقيضا بعضهما البعض وأن كلاً منهما سببٌ لوجود الآخر، كما هو الحال في القصص المصورة، وتجلى ذلك من خلال قتل الجوكر لشخصية رئيسية مُقربة من بروس واين هي ريتشيل داوس بعد أن لمس شيئًا من الصلة بينها وبين باتمان، وقتله العمد لعدة أشخاص خلال سياق الفيلم، وامتناع باتمان عن قتله في النهاية رغم ذلك، مما أدى إلى اعتراف الجوكر بأن خصمه لا يُمكن أن يُفسد وأنهُ من المُقدر لهما أن يكونا عدوان يُمارسا لعبة القط والفأر طيلة حياتهما. قوبل أداء هيث ليدجر كالجوكر بالثناء والمديح الكبيرين لما أضافه من روح جديدة وتصور جديد للشخصية الشهيرة، وثبتها بتلك الهيئة في الثقافة الشعبية. وكان ليدجر قد أشار في مقابلة تلفزيونية قُبيل وفاته إلى أن تجسيده لشخصية الجوكر كان أمتع ما قام به على شاشة السينما، ومن سُخرية الأقدار أنه قال بأنه لا يظن أنَّه سيؤدي دوراً أجمل وأمتع من هذا في حياته.
استوحى نولان فكرته للفيلم من أول ظهور للجوكر في القصص المصورة في 1940، والرواية المصورة باتمان: النكتة القاتلة (1988)، وسلسلة باتمان: الهالويين الطويل (1996) التي أعادت سرد قصة أصل ذي الوجهين. إلا أن نولان حور بدوره قصة أصول الشخصية الأخيرة في الفيلم، فلم يجعل هارفي دنت مصاباً بانفصام الشخصية كما هو الحال في القصص المصورة، كما لم يجعل إصابته بتشوّه نصف وجهه نتيجة إلقاء الحمض الحارق عليه كما هو معروف من القصص، بل جعل ذلك نتيجة حروقٍ عنيفة تعرض لها أثناء انفجار المستودع الذي كان مسجوناً فيه، كما صور الجوكر بأنه مهندس هذه العملية عوض سلفاتور ماروني رئيس المافيا الإجرامية بالمدينة. كذلك جُعل الجوكر هو العابث بتفكير دنت وإقناعه إياه بأن العدل الحقيقي في العالم هو الحظ. أيضًا جُعل إحدى وجها قطعته النقديَّة محروقا من الانفجار عوض أن يقوم دنت نفسه بتشطيبه، كما أن دنت هو من يتسبب بقتل سلفاتور ماروني في الفيلم عكس ما حصل في القصص المصورة. أخيرًا فإن الفيلم أفاد بأن دنت كان يُلقب بذو الوجهين قبل تشوهه بفترة طويلة، في إشارة إلى شخصيته الجذابة وعناده وإصراره وعنفه عند مكافحة الجريمة.
لقب "فارس الظلام" استُعمل لأولٍ مرةٍ لباتمان في القصة المصورة (Batman No. 1) في 1940، التي كتبها بيل فينغر. جرى تصوير الفيلم بشكلٍ أساسيٍّ في شيكاغو، إضافةً إلى عدّة أماكنٍ في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وهونغ كونغ. استعمل نولان كاميرا آيماكس لتصوير بعض المشاهد، من ضمنها أول ظهورٍ للجوكر في الفيلم. في 22 يناير 2008، بعد عدّة أشهرٍ من انتهاء تصوير فارس الظلام وقبل ستةٍ أشهرٍ من إصداره، توفي هيث ليدجر بسبب مزيجٍ سامٍ من الأدوية، مما أدّى إلى اهتمامٍ شديدٍ بالفيلم من قِبل الصحافة والجماهير. أطلقت وارنر برذرز حملة تسويقٍ فيروسيٍّ للفيلم، تشمل إطلاق مواقعٍ إلكترونيّةٍ وعروضٍ دعائيةٍ ولوحات إعلانيةٍ لهيث ليدجر بدور الجوكر، لكن بعد موت هيث ليدجر، أعادت الشركة تركيز حملتها الدعائية.
أُصدر فارس الظلام في 16 يوليو 2008 بأستراليا، وفي 18 يوليو 2008 بأمريكا الشمالية، وفي 24 يوليو 2008 بالمملكة المتحدة. يُعد الفيلم واحداً من أفضل أفلام عقد 2000، وواحداً من أفضل أفلام الأبطال الخارقين في التاريخ من قِبل نقّاد السينما. تلقّى الفيلم مراجعاتٍ إيجابيةً جداً وسجل عدّة أرقامٍ قياسيةٍ خلال عرضه في قاعات السينما. مع عائداتٍ تفوق المليار دولارٍ، يحتل الفيلم المركز الثامن عشر ضمن قائمة أعلى الأفلام دخلاً على الإطلاق، وذلك دون احتساب التضخم. تلقّى الفيلم 8 ترشيحاتٍ لجائزة الأوسكار، ربح منها أفضل مونتاج صوتي ومُنح هيث ليدجر بعد وفاته جائزة أفضل ممثلٍ مساعدٍ. نهوض فارس الظلام، الجزء الثالث والأخير ضمن الثلاثية، أصدر في 20 يوليو، 2012.